الجمال
يمكن للعين البشريّة أن تميّز بكل سهولة بين ما هو جميل وما هو قبيح، إلا أنّ الجمال والقبح من الأمور النسبيّة التي تختلف في مفهومها ومعاييرها من شخص إلى آخر ومن عصر إلى آخر، وبناءً على ذلك يمكن أن نلاحظ وجود تفاوت واختلاف كبيرين في معايير الجمال بين الشعوب المختلفة، وفي الشعب نفسه على اختلاف الأزمنة وتعددها.
معايير الجمال عند العرب قديماً
كان للعرب معاييرهم الخاصّة بالجمال وخاصّةً معايير جمال المرأة والتي تختلف عما هي عليه عند غيرهم من الشعوب والأجناس، وقد قام الشعراء العرب وخاصةً شعراء الغزل بوصف وذكر هذه المعايير في عدد كبير من أشعارهم، ومنها:
- شعر امرؤ القيس في معلقته:
مهفهفة بيضاء غير مفاضة
- ترائبها مصقولة كالسجنجل
وصف امرؤ القيس المرأة الجميلة بكونها المرأة نحيلة الخصر، وغير مترهلة البطن، وذات الصدر البرّاق كاللؤلؤ، أمّا عيونها فمشابهة لعيون المها، مع اعتدال قامتها ومشيتها.
- شعر كعب بن زهير في قصيدة البردة:
هيفاء مُقبلةً عجزاءَ مدبرةً
- لا يشتكى قِصَرٌ منها ولا طولُ
وصف الشاعر المرأة الجميلة بكونها المرأة معتدلة الطول البعيدة عن القصر الزائد أو الطول الزائد، كما وصفها بكونها ضامرة البطن وعريضة الأرداف. كما ساهم الشعراء العرب قديماً في وضع عدد من معايير الجمال لدى المرأة العربيّة، ومنها الشعر الأسود الناعم، والجسم الممتلئ المكتنز، والوجه الأبيض، والعيون شديدة السواد وشديدة البياض، والفم الصغير والأنف الدقيق.
معايير الجمال عند العرب حديثاً
ساعد التطور التكنولوجي والانفتاح الحاصل في الدول العربيّة على الحضارات الغربيّة والدول الأوروبيّة في حدوث تغيير واضح وصريح على معايير الجمال الخاصّة بالمرأة لدى العرب، حيث ابتعدوا بعض الشيء عن معايير الجمال التي كانت سائدة في العصور العربيّة القديمة، وأصبحوا يميلون أكثر نحو معايير الجمال الغربيّة.
أصبحوا يفضلون المرأة النحيلة على المرأة الممتلئة والمرأة الطويلة على المرأة معتدلة الطول، تماماً كما هو الحال لدى عارضات الأزياء النحيلات والطويلات، كما أصبحوا يفضلون المرأة ذات لون الشعر الأشقر على المرأة ذات لون الشعر الداكن، ممّا دفع العديد من النساء إلى صبغ شعرهنّ بالألوان الشقراء الفاتحة.
ساعدت عمليّات التجميل على تغيير بعض معايير الجمال عند العرب، حيث انصرف اهتمامهم عن المرأة صغيرة الفم وتحوّل اهتمامهم نحو المرأة منتفخة الشفاه، مع العلم بأنّ هذه المعايير نسبية وقد تنطبق على البعض من أفراد المجتمع العربي بينما لا تنطبق على البعض الآخر، خاصّةً من الذين بقوا متمسكين بمعايير الجمال العربيّة القديمة والطبيعيّة.